نعيش فى أوهام نخلقها بأنفسنا كل يوم. نتقوقع داخل أنفسنا هروبا من الواقع، ظنا منا أننا أفضل من هذا الواقع فنجد عذرا للهروب إلى عالم الأحلام، والأوهام.. ذلك العالم الزائف «عالم الإنترنت». فنعيش فيه شخصيات مختلفة تسرق عمرنا، ونلبس ثياب الملائكة رغم أننا بشر، ونصدق أن هناك ملائكة آخرين فى هذا العالم، رغم أنهم أيضاً بشر مثلنا، منهم من يبتزون ويقايضون ويسبون ويسرقون ويلعنون، ولا يعرفون دينا ولا خلقاً لأنهم يعرفون جيداً أنهم يلعبون من وراء الستار. فنصدم فى آخر يومنا فى عالم الأوهام، باكتشاف أن هذا العالم ليس عالمنا، ولا يحل مشكلتنا ولكننا نعود إليه مرة أخرى لأننا أدمناه، وتعودنا على مسكناته التى تخرجنا من واقعنا الأليم، إلى يوتوبيا خيالية. وأتساءل إلى متى سنستمر فى تعاطى المورفين، والمسكنات والمهدئات التى إذا غابت عنا تعذبنا وتألمنا، نبحث عنها كالمجانين، سواء عن طريق الكمبيوتر أو الهاتف، فى المنزل أو فى العمل أو حتى سيبر؟
فنحن لم نعد نستطيع أن نعيش يوما دون المدعو «إنترنت»، ليس حبا فيه ولكن كرها فى واقعنا.
ولكن ألم تمر بك لحظات، تشتاق فيها إلى واقعك بمره، وألمه، بأفراحه وأحزانه، بضجيجه العالى، وبأصواته المزعجة، بخوفه وقلقه، بكل ما فيه.
فأنا وأنت خلقنا لهذا العالم.
لم نخلق لنأخذ المورفين، والمسكنات، والمهدئات، التى تسكن ألمك قليلا، وتأخذك من عالمك كثيراً.
لأنك إذا لم تعش واقعك بمره، فلن تعيش أحلامك بحلاوتها.
محررة صحفية بمركز مداد بجدة